الثلاثاء الماضى استيقظت من نومى على زلزال هز القاهرة والجيزة وضواحيها.. قمت من الفراش مهدودة الجسد ومفزوعة .. فى الثامنة صباحا رن هاتفى المحمول كان سائق سيارة العمل هو الذى يتصل. ونزلت إلى الشارع ظنا منى أنه وصل أسفل المنزل لأنتظر فى الشارع عشرين دقيقة كانت كفيلة بأن أتعرض فيها لشتى أنواع المضايقات من ماء تكييفات الجيران الذى بلل رأسى وملابسى إلى سخافات تلاميذ الابتدائى وموزع الخبز. فى النهاية وصل السائق مبتسما ببرود فركبت السيارة وأنا أكظم غيظى. فى الطريق تعطلنا كثيرا لأن أشاوس المرور هبوا هبة رجل واحد لتطبيق القوانين المرورية الجديدة وانتزاع الغرامات المالية الكبيرة – بالطبع سينالهم من الحظ جانب- ووصلت إلى مكتبى حيث جاءنى اتصال من أحد الموظفين فى مكتب رجل مهم.. يريد كتبا وحنانا..ومضطرة أنا أن أقمع رغبتى فى ضربه بالحذاء وأن أرد عليه بالحسنى وأوجد له طلبه لكن أكثر ما اثار غيظى هو أنه كان يطلب كتابا شهيرا لمفكر أكثر شهرة ومع ذلك لم يكن الجاهل يدرك شيئا عن الكتاب ولا أهميته كل ما كان يهمه أن يحصل عليه ليهديه الى أحد الكبار.. وبعد نصف ساعة جاءنى اتصال آخر من شخص هو والبهائم واحد يدعى أنه باحث والحقيقة أنه نصاب يريد الاطلاع على وثائق وحجج تمكنه من الاستيلاء على أراض لا تخصه ولكن المصيبة أنه نصاب شديد الغباء لا يعرف الفرق بين الحجة والمخطوطة ولا بين الأمن والاستعلامات ولكن يجب على أن أستقبله بمكتبى وأن أصرفه بهدوء فهو من طرف أحد اعضاء مجلس الكرب – عفوا- الشعب..
وفى منتصف النهار وعلى سبيل التغيير فوجئت بخبر أسود على الصعيد الشخصى ربما أحدثكم ذات يوم عن تلك الصدمة التى زلزلت كيانى وساقتنى إلى وسط البلد لأهيم على وجهى ساعتين فى درجة حرارة لا تقل عن 38 درجة مئوية وشمس حارقة ولم أشعر بنفسى إلا وقد أغرقنى العرق وجف حلقى وكأنه قطعة حطب واستندت بيدى على حاجز حديدى وأنا أوشك على الإغماء .. فكرت فى الذهاب إلى المنزل لكن القدر ساقنى إلى أحد المؤسسات لألحق بموعد مقابلة شخصية -كنت أفكر فى تجاهلها- فى تاكسى سائقه مجنون يطلب منى قراءة الجريدة التى فى يدى وعندما قلت له كيف ستقرأ وأنت تقود؟ قال لى : سأنظر على قوانين المرور؟؟ وعندما أخبرته أنها جريدة تصدر عن وزارة الثقافة وأنه لن يجد فيها شيئا عن قوانين المرور ابتسم ببلاهة وهز رأسه وقال :
- آه إذن فهذه هى جريدة الأهرام المسائى
وعندما وصلنا إلى المستشفى القبطى أعطيته عشرة جنيهات كما طلب رغم أن المسافة لا تستحق أكثر من خمسة جنيهات وتوجهت إلى مكان المقابلة الشخصية.. كان الموعد فى السادسة لكن المقابلة لم تنعقد إلا فى السابعة والنصف. ودخلت لأجد المكتبه بها خمسة شباب ومصور يصوب كاميرا فيديو إلى وجهى ليصور المقابلة وجلست ليبدأ الاستجواب:
- ما اسمك؟ تعجبت لأن أمامهم ورقة بها ترتيب الأسماء ولكننى قلت اسمى فتناول أحدهم ملفى وفتحه وبدأت الأسئلة :
- لماذا تريدين الالتحاق بمدرسة السينما؟
- أريد أن أخلق عالمى الخاص وهذا مستحيل إلا من خلال الخيال وأريد أن أمتلك الأدوات اللازمة لذلك
- واضح أنك مهتمة بالسيناريو بشكل خاص
- السيناريو هو أصل العملية الابداعية
وهنا التفت لى الشاب الوسيم الجالس أقصى شمال المنضدة وقال لى:
- وما رأيك فى ورشة أخرى أكل عيشها هو السيناريو .. سنبدأ قريبا وستفيدك أكثر و...... ابتسمت واجتاحتنى رغبة جارفة فى الضحك – منعنى منها حزنى الشديد- فقد ذكرنى بالفتاة اللعوب التى تشاغل ركاب الحافلة حتى يقوم اللص بتنظيف جيوبهم.. المهم خرجت وأنا أعرف النتيجة مسبقا ولن أقص عليكم ما واجهته أثناء رحلة العودة الى المنزل فى المترو ثم فى الميكروباص .. لكننى عدت لأضىء أنوار الشقة وأجد نفسى فى مواجهة أربعة جدران موحشة ومتوحشة يكاد صمتها يبتلعنى.. فى خيالى فتحت الغاز وأطلقت العنان للموت ولكننى أفقت قبل التنفيذ بثوان لأواسى نفسى – فليس جوارى أحد يواسينى- ولأذكرنى بأنه مجرد يوم سىء لا أكثر ولا أقل..
## أى تشابه فى الشخصيات أو الوقائع غير مقصود >>>